أخر الأخبارتحقيقات

تحقيق: عن علاقة منع المكالمات المجانية لتطبيقات الهواتف الذكية بالمغرب بداعش ( الجزء الأول)

قامت شركات الاتصالات الثلاثة بالمغرب بالاتحاد ضد الشعب المغربي ومنع استعمال المكالمات الصوتية عبر الأنترنت مما أثار موجة غضب واستياء كبيرة من رواد ومستعملي الأنترنت بالمغرب. وبررت الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات بالمغرب ANRT بأن هاته الشركات الثلاث تتضرر اقتصاديا جراء استعمال هذه التقنية للتواصل بين الأفراد، فيما قامت شركة من بين شركات الاتصالات الأخرى بخروج إعلامي في محاولة منها لتعليل سبب منع خدمة الاتصال على أنه إجراء أمني ضد تنظيم الدولة الإرهابية “داعش” الذي يهدد أمن واستقرار المغرب والمغاربة.

وبررت الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات بالمغرب قرار حضر استعمال المكالمات الصوتية عبر بروتوكول الأنترنت (VOIP)، بأن الشراكات العالمية التي أبدعت في توفير برامج الاتصال عبر هذا البروتوكول تلحق ضررا اقتصاديا بشركات الاتصال المغربية، كما جاء في بيان الوكالة ” أن استعمال هذا النوع من الخدمات، بالإضافة إلى كونه يلحق الخسارة بالسوق الوطنية للاتصالات -فيما يخص رقم المعاملات- بالنظر إلى استعمال خدمات مجانية للاتصال عبر الهاتف عن طريق بروتوكول الأنترنيت، فإن هذه الأخيرة لا تستوفي جميع الشروط المتطلبة لكي تعد مطابقة للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل.”

وفي تصريح رسمي لشركة الاتصالات المغربية إنوي (Inwi) ، أكدت أن قرار منع خدمة الاتصال عبر بروتوكول الأنترنت بالمغرب جاء كنتيجة مباشرة للتهديدات الأمنية التي يشكلها تنظيم الدولة الإرهابية. وهو تصريح لا منطق فيه سوى العوف على عود فويبا التهديدات الأمنية ضد الشعب ” أي إما أنك مع القرار منع الخدمة أو مع داعش!!!”. وهي وسيلة جديدة في التعاطي مع موجة الغضب والاستياء التي يعبر عنها الشارع الافتراضي والحملات الكبيرة الناجحة ضد الشركات التي اتحدت ضد الشعب لسلبه حرية الوصول والتواصل والتعلم.

وسأنتقل لأتحدث من الوجهة التقنية للموضوع للرد على التبرير الأمني الذي ابتدعته الشركة بالوصاية عن الشركتين ضد زبناءها، فعوض إبداعها هي وأقرانها لتطبيقات وابتكارهم لتكنولوجيات تغير وجه ومعالم استعمال تقنيات الأنترنت بالمغرب -ولن أخوض وأضغط على جراحهم أكثر وسأكتفي بأقل الأشياء- نسجل أن أنظمتهم التقنية لا تزال بدائية وتفتقر للحد الأدنى من الأبداع والأمن.

ولنعد إلى الوراء قليلا ولنتحدث عن تنظيم الدولة الإرهابية “داعش” والوسائل التقنية التي اتبعها في الاتصال وتجنيد عناصر جديدة وتدريبهم وتوجيههم والتخطيط لهجمات تستهدف مناطق مختلفة عبر العالم “أبرزها أوروبا في باريزها”. ولن أذكر هنا الأشياء الواضحة لكن سأذكر الأكثر مكرا منها:
-استخدام المواقع الإباحية:
قام التنظيم باستعمال المواقع الإباحية كمكان لإرسال صور مشفرة تضم أهم التوجيهات والتحركات، حيث كانت تسهر وحدات خاصة من الجيش الأمريكي والمكاتب الأمنية المختصة للبحث ورصد الحركات المشبوهة بهذه المواقع، والسهر على تحليلها وفك تشفيرها إن كانت غير معقدة، مع العلم أن أغلبها لا يمكن فك تشفيرها.

-استخدام هواتف “BlackPhone”
لا يمكن منع أي تكنولوجيا مهما كانت قوية ومحضورة على البعض، صعبة المنال على البعض الآخر أن تبقى بعيدة المنال عن هذا التنظيم الإرهابي. فقد توصل أفراد التنظيم، بشكل أو بآخر، بأقوى الهواتف المخصصة وموجهة لحماية الخصوصية والتواصل السري والمشفر والتي تعتمد على تصميم “الخصوصية كمبدأ” وهي هواتف BlackPhone والتي تسهر شركة Silent Circle على تطويرها. والدليل على ذلك قيام خبراء الأنترنت برصد حركة مشبوهة حول تمرير الكتيبات المستعملة كدليل استخدام هذا الهاتف.

استخدام تطبيقات الولوج للأنترنيت الخفي – المظلم -العميق. DeepWeb DarkWeb…
يستعمل عناصر التنظيم الإرهابي أدواة كثيرة للتختفي عن الأنظار ولولوج شبكة الأنترنت العميق.و هي عبارة عن شبكة من الحواسيب المرتبطة والتي لا يمكن الوصول إليها إلا عبر أدوات خاصة. وتضم هذه الشبكة كل شيء يمكنك التفكير فيه وأي شيء لم تفكر فيه من قبل فهو موجود أيضا. ومن مستعملي هذه الشبكات نجد العديد من المافيات الدولية والهاكرز ومهربي البشر .. ومع ذلك كله لايجب التعميم والقول بأن أغلب مستعملي الأنترنت الخفي من المجرمين، حيث يوجد أيضا من رواده النشطاء الدوليين والصحافيين والحقوقيين الذين تمارس عليهم ضغوط ورقابة من طرف حكوماتهم. ويمكن في هذا الإطار البحث في مدونة رغيب أمين للمزيد عن هاته الشبكة.

-استعمال أجهزة تشغيل الألعاب Playstation 4 للتواصل عبر نظام المحادثة التي توفرها.

ظهرت إلى الوجود فرضية أن عناصر التنظيم الإرهابي تتواصل فيما بينها عبر أجهزة تشغيل الألعاب بعد أحداث باريس، حيث يتواصل أعضاء التنظيم عن طريق تكنولوجيا PSN التي توفرها شركة Sony في هذه الأجهزة والتي تمكن رواد الألعاب من التواصل داخل لعبة مختارة من طرف عدة أعضاء، كألعاب الحرب مثالا التي تحتاج إلى فريق عمل واحد. وقد استغل عناصر التنظيم هذه المنصة للتخطيط للعمليات والأحداث الإرهابية التي عصفت بالعالم.
وليس كل ما ذكر إلا النذر القليل من الخبث الذي يمتاز به هذا التنظيم المتفنن في المكر والقتل، وعليه فلا يمكن حصر اللائحة في طرقه المتبعة بل سوف أضيف أمثلة لتطبيقات مشهورة استعملها أفراده للتواصل :

تطبيق تيلغرام Telegram الذي يتح إمكانية التواصل وخلق غرف وقنوات للدردشة وكلها مشفرة.

تطبيق WhatsApp؟ نعم إن التنظيم يستعمل تطبيق WhatsApp كذلك للتواصل. لأنه يوفر وسيلة جيدة لتشفير وحماية الرسائل النصية المكتوبة، وكذا الصوتية.

وليس هذا فقط، فقد عمل التنظيم الإرهابي على تطوير تطبيقاته الخاصة بالتواصل. حيث تم اكتشاف وجود تطبيق يدعىAlrawi من طرف مجموعة الهاكرز المسماة ”Ghost Security Group”. والذي يؤكد خبراء الأنترنت أنه ليس من الصعب الآن بناء وتشكيل تطبيقات موجهة للمحادثة تتوفر على درجة قوية من التشفير، وأن هذا الأمر لم يعد صعبا حتى على الأطفال أيضا. لكن يبقى المشكل هو جودة هاته التطبيقات التي من الممكن أن تحتوي على أخطاء برمجية أو تصميمية تمكن جهات أخرى من استغلالها لفك تشفير النصوص. وهو أمر يبقى طبيعيا حتى بالنسبة لأفضل الأدوات التي طورها أذكى المبرمجين عبر العالم والتي تم اختراقها وعلى سبيل المثال أداة OpenSSL. لكن عند الحديث عن كسر واختراق هاته البرامج من طرف جهات أخرى فإننا لا نحدث عن لعب الأطفال بل نتحدث عن الخبراء وكل ما يتطلبونه من جهد وميزانية لفعل ذلك ولنا أن نتصور الأمر.

يعتبر الخبراء أن تنظيم الدولة الإرهابي لتنظيم على “داعش” يتمتع بأعلى مستوى من التدريب ومجهز بكل الوسائل التي يجدها في طريقه، وله خبرة في التخفي وتجنيد عناصره، التي التي تعرف كيفية حماية نفسها من التعقب داخل الأنترنت وتضم متخصصين في حروب الأنترنت، من بينهم “جنيد حسين” المعروف ب “أبو حسين البريطاني” الملقب “بالعقل الإلكتروني لداعش ” والذي كان يصنف كواحد من أخطر المبحوث عنهم والمنتمين للتنظيم، وعرف حسين على أنه “قرصان الكتروني” ماهراً حيث تمكن من اختراق “دفتر العناوين” التابع لرئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير، ونشر معلومات منه، ليتمّ الحكم عليه بالسجن ستة أشهر عام 2012. ولعبت أنشطة حسين دورا في جعله هدفاً للغارات الاميركية حيث احتل المركز الثالث في قائمة المطلوبين من داعش لدى وزارة الدفاع الأميركية. وكان حسين جزءاً من فريق “السم” أو Team Poison الذي أعلن مسؤوليته عن نحو 1400 عملية اختراق أمني لحسابات رجال أعمال وشركات ومؤسسات دولية ووكالات انسانية حول العالم. وقد تمت تصفيته في غارة أمركية في عملية تعقب دامت لسنوات.

يمكن لأي شخص معرفة أن لهذا التنظيم هدف واحد وهو التواصل لأجل الإرهاب. فهو يتواصل عبر الصوت والصور والنصوص وكل شيء متاح وغير متاح. فهل “منع استعمال المكالمات الصوتية عبر الأنترنت بالمغرب” سيوقفه عن ذلك؟!!

وعليه يمكن لأي مغربي الآن استخلاص أن لشركات الأتصال المغربية الثلاثة هدف هو الربح الماكر. حيث اتحدت الشركات الثلاثة ضد الكل، معلنة قطع رحم التواصل بين أفراد الشعب المغربي، وإن أردت صلة الرحم أو التعلم على الأنترنت، أو العمل الحر أو حضور ملتقيات وندوات مرئية في المغرب أو في العالم الأخر عليك أداء فواتير إضافية.

أضن أن هذا القرار فتح بابا كبيرا للجماعات الإرهابية وخصوصا التي كانت تفتقر للحد الأدني بالحس الأمني المتعلق بالحماية والتخفي داخل الأنترنت، لتفكير أكثر من مرة قبل استعمال الوسائل البدائية بالبحث وتعويضها بأدوات ووسائل أكثر تطورا لتواصل. وسأتطرق لذلك في جزء مقبل.

تحرير :عبدالعالي حرشاوي.
مراجعة وتدقيق: أحمد بابعلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى